** كنت ولا أزال أقول إن الكتابة أسبوعياً أو الخطابة عمل شاق وغير سهل ، حيث لا التكرار محمود ولا الطرح غير ذي الفائدة محمود ، وعليه تبقى العملية شاقة فكرياً وذهنياً .. أمقت طريقة أبي الجعافر مثلاً في زواياه حيث كلمنا كثيراً عن أسرته وبنته حتى بتنا نعرف جدوله السنوي ، وإلى أين يسافر ، وماا يأكل ، وما الذي تحبه ابنته وماذا تكره ..ولا تروق لي طريقة تركي الدخيل الذي يحدثنا عن لقائه بالضيف الفلاني وقد كان يكفينا ما تابعناه في ( إضاءات ) ولا داعي لإعادة الحلقة ، أما عمود أنيس منصور فمشحون بالأنا والحديث عن الذات حديثاً لا يعدو أن يكون سرداً لتاريخ الرجل بنكهة كنت وفعلت وأنا هنا ..وهكذا دواليك كتاب الأعمدة اليومية إلا من رحم الله منهم – وقليل ماهمّ - .
ولأنّ عندي عجزاً فكرياً عن طرح موضوع لهذا الأسبوع فسأرهب للمنوعات على طريقة برامج الفضائيات الصباحية لمقال أعنون له ب : ( من هنا وهناك ) .
** يأتي الصيف بلهيبه كعادته ، ويفرّ منّا من يفر باحثاً عن الجو البارد والخضرة والماء ، والبعض يزيد ( الوجه الحسن ) ، وكثيرون هم الذين يتجهون إلى وجهة واحدة لا يحيدون عنها مقدار شبر ،وليس عندهم استعداد أصلاً لمجرد التفكير في التغيير ، فصيف سنة 1980كصيف سنة 2009سواء بسواء ، مثلاً بمثل ، فهل حقق هؤلاء متعة السفر ؟
هل عاشوا حقيقة السياحة ؟
إن القضية الكبرى في السفر هى بظني الخروج من المألوف ، والثورة على ( الروتين ) أمّا أن تتحول الإجازة إلى حلقة من مسلسل متكرر فهذا مالا يوافق عليه الفلاسفة والمفكرون ، الذين يحرصون في كلّ سنة على زيارة بلد جديد ، ومشاهدة نمط مختلف ، وعادات مختلفة ، وطبيعة مختلفة .. عند ذلك يمكن أن يقول ( السائح ) إنه أضاف إضافة جديدة .. وإلا فما الفائدة أن يذرع ( السائح ) العربي شارع جامعة الدول سنوياً ذهاباً وإياباً ؟؟ ، ما الفائدة أن يحتسي القهوة في كل مقهى وفي كل زاوية وعلى كل طاولة في ( الشانزلزيه ) كل سنة ؟؟ ، أي فائدة تعود عليه تكرار الرحلة إلى السلودير ؟؟ ، إن ( السائح ) العربي يعرف بلودان أكثر من السوري ، ويعرف (شارع الهرم ) مع الأسف أكثر من المصري ، وأجزم أنه طاف بالشانز أكثر من الفرنسي ..!!
مفهوم السياحة يحتاج في كثير من أعرافنا إلى مراجعة جادة وهادفة ، تتفق مع قيمنا وثوابتنا ، وتتماشى مع مفهوم التعلم بالمرح ، والتعلم بالاستجمام ..لا مجرد التقليد لأجل التقليد فحسب ، أو السفر من أجل السفر وحسب .
ومع ذلك أقترح أن نكافئ تركيا التي كانت لها وقفة جادة وصارمة سيما مع قافلة الحرية أن نكافئ هذا البلد بالسياحة إليه ، فهو أولى بدراهمنا ودنانيرنا من كثير من دول الشرق والغرب .
** يفصل بيننا وبين رمضان خمسون يوماً أو تزيد قليلاً ، ستمرّ مرّ السحاب ، وستنقضي كأسرع مما نتصور .. ترى ما الذي تغير في حياتنا استعداداً لهكذا موسم ، قد ندركه وقد لا ؟؟.
ببساطة لا أطلب من نفسي ولا من القراء الكرام أكثر من البدء في قراءة القرآن الكريم القراءة التفسيرية المتأنية ، والاصطلاح مع القرآن قراءةً وتدبراً وفهماً ومحاولةً للتطبيق .
إنني أطلب من نفسي والقراء الكرام محاولة الاعتياد على صيام النوافل ، ومحاولة القيام والبذل استعداداً للموسم الكبير والموسم العظيم ..
إننا نريد من نفوسنا التي تعودت الكسل ، ومردت على الدعة والراحة ، نريد منها مع إعلان رؤية الهلال هكذا وبضغطة زِر شأن كلّ شئ في عصر السرعة أن تتحول إلى نفس طلحة الفياض ، وعثمان القّوام ، وعائشة الصوامة ، وهذا ما تأباه السنن الكونية ، ولعلّ هذا ما يفسِّر انحسار الصفوف بعد العشر الأولى ، وضعف الهمم وتراجع الإيمانيات .. ببساطة السنن الكونية تقول : ( ما يأتي سريعاً يذهب سريعاً ) .. اللهم لا تجعلنا منهم .
** حين أرى انشغال الناس بالمونديال ، هذا الحدث الكوني الذي يستثير اهتمام الشرائح المختلفة والأطياف والأجناس .. يخالجني حلم أن ينفتق الذهن البشري عن ظاهرة ثقافية تأخذ بألباب الناس تماماً كما تفعل المستديرة بالعقول والقلوب .. انشغال بالكتاب ، بالثقافة بالعلم والأدب ، بالمعمل والقلم ..الخ
هل سيأتي هذا اليوم ؟
أرجو ذلك صادقاً .. وما ذلك على الله بعزيز .