جدة عروس البحر الأحمر .. درة المدن السعودية بل قل العربية .. وا ألمي غدت بين طرفة عين وانتباهتها تحت غمر السيل ، ووحل المطر .. صور من الدمار والموت الأحمر..
لاصوت يعلو فوق صوت النواح والعويل في شرق جدة على المفقودين والأموات .
لا صورة تطغى على صور المأساة والألم .
هنا كان شارع ، هنا كان بيت ، هذه هياكل معدنية واكوام حديد كانت سيارات ، هذه حفرة الموت التي ابتلعت أسراً بأكملها .. إيه ياجدة
مئات أو آلافاً وجدوا أنفسهم بلا مأوى فجأة ليهتفوا جميعا أو ليهتف بهم الجميع :
عيدٌ بأية حالٍ عدت ياعيد ..
ليس هذا ما أريد من مقالي .. ما أريده هو أن هذه المأساة كشفت وجه الحقيقة عن فئاتٍ غالية من المجتمع .. إنهم الشباب ، شباب ( اللو وست ) شباب ( البرمودا ) شباب ( الهاي كلاس ) وفتيات ال(فل ميكاب ) كان هؤلاء الشباب الذين نستاء من مظاهرهم ، وربما ينظر إليهم البعض أحياناً بعين الازدراء والاستصغار ، هؤلاء الشباب أعلنوها مدوية ، وقالوا بصوت واحد نحن ( أصدقاء جدة ) نطقوا بها أفعالاً لا أقوال : ( جدة بخير ) و ( شباب جدة غير ) لقد قالوها : لا تنظروا إلى صورنا ولا إلى أشكالنا ولكنا انظروا إلى آثار بياض قلوبنا ، رأيناهم شباباً وفتيات يقدمون القوت ، ويمدون أيدهم بالألحفة والمواد الغذائية ، رأيناهم يخالطون الناس في مناطقهم ينفضون عنهم الوحل والطين ، ويمسحون دموعهم وآلامهم ويبقون الساعات الطويلة ينظمون العمل الإغاثي .. إنني أرفع القبعة تقديراً لهؤلاء ، إنني أفخر بهكذا شباب تبنى عليهم عريض الآمال ، هذا هو جيل الرحمة ، جيل العطف والاحسان .
هذا النوع من الشباب أثبت مع جريان السيل أن الزبد يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
لقد طرحوا سؤالاً على أولئك المتشدقين .. أين أنتم ؟
ما هو دوركم ؟
كيف كان تعبيركم عن المسؤلية الانسانية ؟
وتبقى الأسئلة مفتوحة ويبقى الجواب : ما ترى لا ما تسمع .